متابعة :خالد الحيني
هناك نماذج مشرفة في وزارة الداخلية تنحني لها الرؤس إحتراما وإجلالا لتفانيها في العمل واليوم نسلط الضوء علي واحد من هؤلاء الرجال فبرغم حداثة رتبته إلا انه فعل مايمليه عليه ضميره وواجبه دون ان يخشي العواقب وهذه هي قصة نقيب الشرطة الذي تسبب في إقالة مدير امن القليوبية ومدير المباحث وحبس ضباط وافراد في قسم ثان شبرا الخيمة
وصل النقيب محمد حبيب، ضابط المباحث بفرقة شمال الجيزة، إلى عمله فى موقع الكمين الأمنى المعتاد أعلى الطريق الدائرى بالوراق، الساعة الثانية عشرة صباحًا، ومن ثم بدأ أفراد القوة الأمنية المعينة للعمل بالكمين فى وضع الصدادات الحديدية، وإغلاق جانب الطريق فى الاتجاهين، تمهيدًا لفحص السيارات.
لم يتوقع الضابط محمد حبيب، الذى قضى 3 سنوات منذ تخرجه من أكاديمية الشرطة بمركز شرطة جرجا بسوهاج، ونقل بعدها إلى مديرية أمن الجيزة، فى شهر أغسطس العام الماضى، أن تكون الساعات الستة التى سيقضيها بخدمته بالكمين مختلفة عن الأيام التى سبقتها، فعادةً ما يلقى القبض على عاطل بحوزته عدد من الأقراص المخدرة بقصد التعاطى، أو ضبط آخر يخفى سلاح خرطوش بملابسه، ولم تصل مخيلته أبدًا إلى أنه سيكون سببًا فى الكشف عن قضية تهتز لها وزارة الداخلية بأكملها، وتتسبب فى الإطاحة بقيادات أمنية كبيرة من مناصبها وحبس ضباط وأفراد شرطة.
ومنذ تعيينه للعمل بفرقة مباحث شمال الجيزة، تتنوع أماكن تواجد «حبيب» بين الوراق وإمبابة وأوسيم، وفى يوم الواقعة وأثناء وقوفه بملابسه الملكى لفحص السيارات ومستقليها فى الطريق المتجه إلى شبرا الخيمة، فحص عدد من السيارات الملاكى المخالفة، إحداها ذات زجاج «فاميه» وأخرى يستقلها أشخاص بلا رخص قيادة أو تسيير، حتى اقتربت سيارة أجرة ماركة «تويوتا» بيضاء اللون، بعد مرور ما يقرب من ساعتين على بدء العمل بالكمين، يستقلها 3 أشخاص بخلاف السائق.
وبشكل طبيعى، أوقف الضابط قائد السيارة واطلع على تراخيصه، وأثناء الفحص لاحظ «جوالًا» ملقى أعلى سقف السيارة، يظهر منه جزء صغير من ماسورة حديدية، فوجه سؤالًا للسائق عن الجوال ومحتواه وعن مالكه، فأجاب السائق أن الجوال ملك أحد الركاب الذى يرتدى جلبابًا، ويجلس بالمقعد الخلفى، وأشار تجاهه، فصعد «حبيب» لسقف السيارة وأنزل الجوال، وبفتحه اكتشف احتواءه على كمية من الأسلحة النارية.
استدعى ضابط المباحث أفراد القوة الأمنية، وتم محاصرة السيارة والتحفظ على مستقليها، وبتفتيشها عثر أيضًا على كرتونة بحوزة صاحب الجوال تحتوى على عدد من الأسلحة النارية، فحصل على بطاقة تحقيق الشخصية الخاصة بالمتهم، فتبين أن اسمه «فوزى .ر» يبلغ من العمر 42 عامًا، واعترف أن المضبوطات خاصة به، وقال: «يابيه أنا هاقول على كل حاجة، السلاح دا أنا شاريه من 2 بلدياتى بأسيوط، واحد اسمه «كمال» والتانى اسمه «جرجس»، وكنت هسلمهم لأمين شرطة بقسم ثان شبرا الخيمة، أنا مجرد وسيط، مهمتى أستلم السلاح وأوصله لأمين الشرطة، لكن معرفش بعد كدا السلاح بيروح لمين، ولا استخدامه إيه».
وواصل المتهم فى حديثه لضابط المباحث: «دى تانى مرة يابيه أوصل السلاح، أول مرة جبتهم برده من أسيوط، وكان معايا 5 أسلحة فرد خرطوش بس، ووصلتهم بنفس الطريقة، كنت مخبيهم فى «جوال» ووضعتهم أعلى سقف العربية الأجرة، وعديت من الكمين ومفيش حد خد باله، وسواق العربية الأجرة مسؤول عن نقل السلاح معايا».
وحينها تأكد الضابط محمد، أنه أمام قضية كبيرة وليست مجرد قضية عادية للاتجار بالأسلحة غير مرخصة، فتورط أمين شرطة بقسم ثان شبرا الخيمة فى الحصول على الأسلحة بتك الكميات الكبيرة يثير الشكوك حول تورط أفراد شرطة آخرين معه. وسارع محمد حبيب، بإبلاغ قياداته الأمنية بمديرية أمن الجيزة، وفور إخطار اللواء هشام العراقى، مدير أمن الجيزة، بضبط المتهم وتفاصيل اعترافاته، تم التنسيق مع قطاع مصلحة الأمن العام، وبدأ فريق البحث الذى تم تشكيله فى تتبع خيوط القضية للإيقاع بكل أفرادها. وتوصل فريق البحث إلى هوية أمين الشرطة، وبالحصول على إذن من النيابة تم القبض عليه، وحينها لم يجد أمين الشرطة مفرًا أمامه سوى الاعتراف وأرشد عن تورط أمين شرطة آخر بقسم ثان شبرا الخيمة وعاطل، فى تجارة الأسلحة، وكانت المفاجأة كشفه عن تورط رئيس مباحث القسم الرائد “أحمد .ح”، واثنين من الضباط، وهما “محمود .ن” و”نادر .ج”، فى الحصول على السلاح لتلفيقه للمتهمين، وتقديمه تسجيلات تفيد تورط رئيس المباحث واثنين من معاونيه فى الاتفاق على جلب الأسلحة وتلفيقها للمتهمين.
بعد ذلك استكمل فريق البحث الجنائى الإجراءات اللازمة، وأخطر النيابة التى استدعت رئيس المباحث وضابطين، وواجهتهم بالتسجلات التى تثبت تورطهم فى القضية، فأمرت بحبسهم على ذمة التحقيق.
ونتيجة لتلك القضية التى كشفت عن تورط عدد من ضباط وأفراد قسم شرطة ثان شبرا الخيمة فى قضية من شأنها الإساءة لوزارة الداخلية، اعتمد اللواء مجدى عبدالغفار، وزير الداخلية حركة تنقلات محدودة شملت الإطاحة باللواء مجدى عبدالعال، مدير أمن القليوبية من منصبه ونقله إلى شؤون الأفراد بالوزارة، بالإضافة إلى نقل اللواء الدكتور أشرف عبدالقادر من منصبه كمدير مباحث القليوبية إلى قطاع الأحوال المدنية، وتم تصعيد اللواء أنور سعيد حكمدار القليوبية، لمنصب مساعد الوزير لأمن القليوبية، وتعيين اللواء على سليم مديرًا للمباحث الجنائية بالقليوبية.